03:18:20PM

  

رقت عليك عيني شوقا ايها الحبيب

مرسلة بواسطة روح و ريحان يوم الثلاثاء 0 التعليقات

وداعا أيها الحبيب الغالي




أربعة أيام قبل غروب الشمس المحمدية …

اشتد الوجع بالحبيب حتى لم يعد قادرا على إمامة الناس في الصلاة
” مروا أبا بكر فليصل بالناس ” …
و يمر يومان ، فيجد الحبيب في نفسه شيئا من الخفة …
فيسرع إلى مهوى فؤاده و قرة عينه .. إلى الصلاة
خرج الحبيب بين رجلين يعينانه لصلاة الظهر …
و هو الطود الشامخ الذي كان إذا مشى فكأنما ينحدر من عَلٍ لسرعة 

خطوه صلى الله عليه سلم
هم الصديق أبو بكر أن يتأخر للحبيب ليؤم هو المصلين ،
فأشار إليه أن الزم مكانك ،  و جلس …
نعم ، جلس النبي الحبيب المصطفى الذي كانت قدماه تتفطر من كثرة وقوفه مصليا
و لصدره أزيز كأزيز المرجل  و هو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر
فأبى إلا أن يكون عبدا شكورا

يا حبيبي يا أكمل الخلق و سيدهم و أعظمهم

تفطرت قدماه و اشتد به الوهن فلم يعد قادرا على الوقوف !!
جلس إلى يسار أبي بكر ، فكان الصديق يقتدي بصلاة الحبيب و يسمع الناس التكبير
_________________
قبل يوم من الرحيل ..

بينما المسلمون في صلاة الفجر …امتدت يد كريمة …
يد طالما و سعت أكف العبيد و اليتامى و الأرامل   بل حتى البهائم 

تمسح عليهم و تواسيهم
امتدت يده الشريفة صلى الله عليه و سلم لتزيح ستر حجرة أم المؤمنين 

عائشة رضي الله عنها ،

و ابتسم …

ابتسم الثغر الوضيء و استنار الوجه الشريف لكأنه قطعة قمر
قد بلغ الرسالة .. و أدى الأمانة .

ابتسم لتلك الجموع … ألوان شتى و قبائل متفرقة و أنساب متباعدة و مواطن مختلفة
وَ حَّدهم دين لو انتزعت أرواحهم انتزاعا من صدورهم ما تزحزحوا عنه قيد أنملة
أشداء على الكفار و أعداء الله و الرسول  رحماء بينهم كالأخوة ، بل أكثر .
____________
ابتسم الحبيب

ابتسامة مشرقة في خفوت   كأنما جاءت على استحياء
لتخط خطوطها في وجه بدا في أحلك ساعات المرض
كبدر شاحب يودع آخر أيامه  و أطلت من عينينه الكريمتين
عينيه التين أرهقهما كثرة السهاد و البكاء
تارة من خشية الله   و أخرى رحمة بأمته و خوفا عليهم
أطلت تلك النظرة ، نظرة الرضا و الحب و الإشفاق و الشوق …
قد رضي عن أصحابه و رضوا عنه
و رضي عن ربه و رضي الله عنه ، و هو المرضي عنه عليه الصلاة و السلام
و أشفق عليهم مما يلاقونه بعده من فتن
و اشتاق … لنا
حتى آخر لحظاته .. كنا نشغل تفكيره
” وددت أن لو رأينا إخواننا … “
“أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ “
” لا أنتم أصحابي و إخواني فقوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولا يروني “
__________
و هم المؤمنون أن يفتنوا في صلاتهم فرحا بالحبيب
فأشار إليهم أن أتموا صلاتكم  و غاضت الابتسامة شيئا فشيئا …
و أرخى الحبيب الستر …

و لم يرفعه مرة أخرى …

لعمري لو كان الستر إنسا لبكى حنينا ليد الحبيب   كما حن إليه الجذع 

الذي كان يخطب مستندا إليه

و عاد الحبيب إلى داخل الحجرة …و على استحياء و ألم  و بين دموع و زفرات
نتبع الحبيب
لنشهد معه آخــــــــــر السويعات في حياته العظيمة
___________________
بدأت ساعات الاحتضار

فأسندته السيدة عائشة رضي الله عنها إليها    و بين يديه إناء فيه ماء
فجعل يدخل يده الشريفة في الماء فيمسح بها
جعل الحبيب يمسح الوجه الشاحب الذي يتفصد عرقا كحبات اللؤلؤ المنثور
و جعل يردد” لا إلـــه إلا اللــــه .. إن للموت سكرات “

يا حبيبي يا رسول الله  يا حبيبي يا حبيب الله

و يرددها بصوت ضعيف
الصوت الذي لطالما أطلقه عاليا ليجلجل في أسماع الكفار و المشركين

أنــا النــــبي لا كـــذب
أنــا ابــن عبـد المـطـلب

” و الله يا عم ، لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في يساري على أن أترك 
هذا الدين ما تركته ، حتى يظهره الله أو أهلك دونه “

صلى الله عليك و سلم يا حبيب القلوب و مهوى الأفئدة
___________________
و حانت لحظت الوداع
و آن للجسد المكدود أن يستريح  و شخص بصر الحبيب نحو السقف  و تحركت شفتاه

” مع الذين أنعمت عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و
الصالحين ، اللهم اغفر لي و ارحمني ، و ألحقني بالرفيق الأعلى “

و رفع يديه الشريفتين

” بل الرفيق الأعلى “   ” بل الرفيق الأعلى “
” بــــ..ـــل  الـ… رفيـ..ق  الـ..أ..علـ..ى…”

و خفت الصوت

و سكنت الأنفاس اللاهثة  و مالت اليدان  و انحنى الرأس
و فاضت الروح الطاهرة
عادت إلى حيث مستقرها

“يا أيتها النفس المطمئنة ، ارجعي إلى ربك راضية مرضية “

و علا النحيب و دوت الصيحة ……و كانت الصدمة ….
ناحت النساء …. لعظم الهول  و اضطرب الناس في المسجد
حتى سيدنا عمر … أسد الله و عدو الشيطان  فقد صوابه

و راح يردد أن الحبيب لم يمت و إنما ذهب إلى ربه كما ذهب موسى 

 و سيعود كما عاد
و في قرارة نفسه كان يدرك أن الحبيب رحل

رحل و لن يعود  و لكن …
كان الخطب أعظم من أن يتحمله حتى رجل في بأس عمر
___________________
و حده

وحده الصديق  رفيق الدرب و خليل الدين  و الصاحب في الشدة و اللين
و حده انسل من بين الناس ، حتى دخل الحجرة  إلى حيث الجسد الطاهر مسجى
فكشف عن الوجه الشريف الستر  و تأمل تلك الملامح النورانية المطمئنة

النائمة في سلام أبدي
___________________
ثم أكب عليه  يقبله و يبكي و يبكي ويبكي
” بأبي أنت و أمي يا رسول الله
طبت حيا و ميتا  طبت حيا و ميتا
لا يجمع الله عليك موتتين
أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها ” …
________________
و ااااااااااااااااااااحبيباه
واااااااااااااااارسولاه
واااااااااااسيداه

سلام الله عليك و صلواته  طبت حيا وميتا
يا من أعطاك الله دعوة لا ترد فأبيت أن تطلبها لنفسك أو لدنياك
أبيت إلا أن تختبئها عند ربك و لمن يا حبيب القلوب ؟

لأمتك

آثرت أن تختبئها شفاعة لأمتك يوم القيامة
” إن الله لم يبعث نبيا إلا و أعطاه دعوة ، و إن الله أعطاني دعوة فاختبأتها عند ربي شفاعة لأمتي يوم القيامة “
يوم الكل مشغول بنفسه  إلا أنت أيها الحبيب

أمتي … أمتي
يا رب سلم يا رب سلم
أمتي .. أمتي
__________________
أمتك يا حبيبي يا رسول الله ؟
و ما أدراك ما أمتك ؟؟؟
إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ... أهملوا سنتك
و منهم من إذا ذكر بها ازداد عنها تغافلا  و مضى كأن في أذنيه وقرا
____________________
كان آخر ما قاله الحبيب : ” الصلاة الصلاة ، و ما ملكت أيمانكم “
فأين أنت من صلاته ؟! أم هي كنقر الديكة ؟  كانت آخر آية من القرآن
و اتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون

هل فكرت أبدا في ذلك اليوم ؟  و ماذا فعلت بعدها بتفكيرك ؟
__________________________
ما أعددت لتقدمه بين يدي الحبيب حين يجري إليك فاتحا ذراعيه
فإذا الملائكة تجرك إلى النار
فيفزع الحبيب ” إنه من أمتي … من أمتي “
فتجيب الملائكة : ” إنك لا تردي ما أحدثوا بعدك … “

ما أحدثت بعده ؟

فيم أفنيت الأعوام السابقة من عمرك ؟  فيم استغللت أيام الشباب و أوقات الفراغ ؟
فيم استعملت لسانك ؟  فيم استعملت نظرك ؟  كم تحفظ من القرآن ؟؟؟؟
و هل تتعهد ما حفظته بالمراجعة ؟؟؟
هل تحافظ على التسبيحات و الاستغفار و الأوراد ؟؟؟
أتصلي الفجر في المسجد جماعة ؟ أم في بيتك ؟
أم في سريرك ؟!!!! أتعرف فضل ركعتي الضحى ؟
أم أنك لا تصليهما أصلا ؟ كم حديثا تحفظ عن النبي ؟
فيم تستغل أوقات فراغك ؟ ماذا تقرأ ؟ و ماذا تشاهد ؟؟؟؟
كل هذا محفوظ و مسجل
__________________________
ماذا تقول له غدا ؟؟؟؟
حين تقوم لرب العالمين
_________________________
قف مع نفسك الآن وقفتها
هذا أوانه  قبل أن تجلس مجلسا
قد لا تقوم منه بعدها أبدا
________________________
و صلى اللهم على سيدنا محمد الحبيب المصطفى و على أزواجه أمهات المؤمنين و على آل بيته و ذريته و أصحابه أجمعين
____________________



ساهم في نشر الموضوع للفائدة:

شارك الموضوع

تعليقات
0 تعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق