03:18:20PM

  

ساعات الندم (هداية اب)

مرسلة بواسطة روح و ريحان يوم الخميس 0 التعليقات

ساعات الندم
لفضيلة الشيخ نبيل العوضي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
ساعات الندم! 
في ساعات الندم لا يجلس الإنسان إلا ويتذكر معاصيه وذنوبه، ويتذكر فيها ما فرط في الدنيا وغفلته فينتبه فيصبح عنده انكسار لله عز وجل يندم فيه على ما فرط.
استمعوا إلى هذه القصة: شاب صغير السن هداه الله في بيتٍ قد امتلأ بالفجور والمعاصي والمنكرات والفواحش، أبوه لا يعرف القبلة، حاول أن يدعو أباه إلى الله فلم يستجب له، فأتى إلى إمام المسجد يبكي عنده ويقول له: إن أبي يعصي الله ولا يعرف ربه، حاولت أن أدعوه إلى الله فلم يستجب لي، فماذا أفعل؟ قال له: إذا قمت في الثلث الأخير من الليل فتوضأ وضوءك للصلاة -وكان حافظاً صغيراً- ثم صلِ لله ركعتين وادع الله عز وجل في تلك الركعتين أن يهدي أباك، قال: فكان الشاب في كل ليلة يفعل هذا الفعل، وفي ليلة من الليالي قام الشاب يصلي في الليل فدخل الأب البيت بعد سفرةٍ قد فعل فيها ما فعل، ولم يكن أحد يدري به، ففتح الباب ودخل والناس نيام في البيت، فسمع صوت بكاءٍ في غرفة من الغرف فاقترب ينظر فإذا ابنه الصغير يبكي، فاقترب منه ليسمع ماذا يقول، فسمع ابنه يرفع يديه إلى الله وهو يقول: اللهم اهد أبي، اللهم اشرح صدر أبي للإسلام، اللهم افتح صدر أبي للهداية، فسمع الأب هذا الكلام وإذا به قد انتفض وأخذته قشعريرة، قال: فخرج من الغرفة واغتسل ثم رجع إلى الغرفة والابن ما زال يبكي ويرفع يديه إلى الله، فصلى بجنب ابنه ورفع يديه بجنب ابنه والابن يقول: اللهم اهد أبي والأب يقول: آمين، اللهم افتح قلب أبي، والأب يقول: آمين، فبكى الأب وبكى الابن، فلما انتهى الابن من صلاته التفت فرأى أباه يبكي فاعتنق أباه وجعلا يبكيان إلى الصباح، فكانت بداية هداية هذا الأب.
قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجة : (الندم توبة ) فإذا جلس الإنسان يتذكر ذنوبه وأخذ يذكر تلك المعاصي، وتلك الليالي الظلماء، ويتذكر يوم أن جلس مع صديق السوء، ويتذكر يوم أن فتح المجلة الخليعة فنظر، ثم يتذكر عفو الله عليه، وإمهال الله له وحلم الله عليه يبكي والله.
قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ [آل عمران:135]^ فاحشة يعني: كبيرة، ظلموا أنفسهم يعني: صغيرة وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:135]^.
من ساعات الندم 
ندم الصالحين على فوات الطاعة 
ومن ساعات الندم: ساعات المؤمنين الطائعين الصالحين إذا فاتتهم الطاعة تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ [التوبة:92]^.
روي أن حاتم الأصم وهو رجل صالح فاتته صلاة العصر في جماعة، فصلاها في البيت، فجلس يبكي؛ لأن صلاة الجماعة قد فاتته -نقول هذا لكثيرٍ من المؤمنين الذين تفوتهم الصلاة بكليتها حتى يخرج وقتها- فجاءه أصحابه يعزونه على فوات صلاة الجماعة، فنظر إليهم وكانوا قلة فبكى، قالوا: ما يبكيك رحمك الله؟ قال: لو مات ابن من أبنائي لأتى أهل المدينة كلهم يعزونني، أما أن تفوتني صلاة فلا يأتيني إلا بعض أهل المدينة!! ووالله لموت أبنائي جميعاً أهون عندي من فوات صلاة الجماعة: تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ [التوبة:92]^ ندم لأنه ترك الطاعة، وندم لأنه ارتكب المعصية، فهذه من ساعات الندم. 

ساهم في نشر الموضوع للفائدة:

شارك الموضوع

تعليقات
0 تعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق