03:18:20PM

  

في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف

مرسلة بواسطة العلم نور يوم الخميس 0 التعليقات

بقلم: الدكتور محمد جعواني
كلما حلت ذكرى مولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كلما تجدد السؤال عن مشروعية الاحتفال بالمولد الشريف.
ويصر" البعض" على اعتبار الاحتفال بالمولد من البدع المحدثة قولا واحدا، مثله مثل "القراءة الجماعية "، واستعمال"السبحة" في الذكر، والاجتماع "لقيام الليل"... و اللائحة طويلة.
والحوار العلمي مع هؤلاء "البعض" يحتاج أولا توضيح وضبط المفاهيم والمصطلحات.
يستدل المبدعون بدليل "الترك" فيقولون "ما ثبتت تلك الأفعال عن النبي صلى الله عليه وسلم و لا عن صحابته الكرام".
والجواب عن هذا "الدليل" هو قول الأصوليين أن "الترك لا يفيد الحظر" بمعنى: ليس كل ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم يعتبر محرما ومحظورا. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يترك الشيء خشية أن يفرض على أمته كما قالت أمنا عائشة رضي الله عنها.

ثم ما معنى البدعة والسنة؟

هل كل محدثة بدعة؟ أم المقصود البدعة الضلالة؟ يرى كثير من أئمة العلم أن النهي عن البدعة هو من "العام الذي أريد به الخصوص" بمعنى أن النهي مقصود به بدعة محدثة خاصة وليس عموم البدع، ولذلك يقسمون البدعة إلى حسنة وسيئة. ويعتمدون في تقسيمهم للبدع على أصول الشريعة وكلياتها ومقاصدها. ودليلهم في ذلك الحديث الصحيح "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" و الرواية الأخرى "كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد". ومذهب التقسيم هو مذهب الشافعي والعز بن عبد السلام وابن حجر وغيرهم من الأئمة. إذن فالبدعة الضلالة هي التي تضاهي(تخالف وتزاحم وتعارض) الطريقة الشرعية. كما قال الإمام الشاطبي في "الاعتصام".
هذا عن البدعة، أما السنة فهي أعم من "الأقوال والأفعال والتقريرات" النبوية، فهي الهدي النبوي وطريقته في قبول ورد العمل، وهذه أمثلة على ذلك:
اجتهد سيدنا بلال رضي الله عنه فكان يصلي ركعتين بعد كل وضوء، وهذا الفعل أحدثه الصحابي من تلقاء نفسه. فماذا كان رد النبي صلى الله عليه وسلم يا ترى؟ لو كان مجرد الفعل ابتداء لا يجوز لنهاه النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بعدم تكراره، لكن الذي وقع هو تبشير النبي صلى الله عليه وسلم لبلال بسماع دفي نعله في الجنة.
مثال آخر : قول صحابي جليل في صلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد الرفع من الركوع اجتهادا منه "ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه" وبعد الفراغ من الصلاة قال النبي صلى الله عليه وسلم أيكم قال كذا...فإني رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها. وقد علق الحافظ ابن حجر على هذا الحديث بقوله: جواز إحداث ذكر داخل الصلاة.
ومثال ثالث:رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا واقفا في الشمس فسأل عنه فقيل له:إنه نذر الصوم والوقوف في الشمس. فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فأمره بإتمام الصيام والذهاب إلى الظل وترك الوقوف في الشمس.
فهذه أمثلة تمثل غيظا من فيض تبرز بجلاء أن ما كان من الدين وشهدت له أصوله ومقاصده فلا ضير فيه. وما كان مخالفا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم و هديه فلا خير فيه.
ثم لا بد من توضيح أخير:
إن الاحتفال بالمولد يدخل في خانة العادات وليس في خانة العبادات. والأصل في العادات الإباحة لا الحظر والتوقف.
إن الاحتفال بالمولد يكون في كل لحظة وساعة ويوم من عمر المومن ويزداد التعلق عند حلول تاريخ الذكرى الغالية. أما من يحتفل في ليلة واحدة يتيمة من السنة فلا ولم يدرك بعد فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكرامته عليه وعلى الخلق أجمعين.
إن الاحتفال يكون بتجديد المحبة والتعظيم والأدب والطاعة والاتباع للشخص الكريم صلى الله عليه وسلم والإكثار من الصلاة والسلام عليه.
إن أول من احتفل بالمولد هو صاحب المولد نفسه، فقد كان يصوم كل اثنين، والعلة أنه يوم ولد فيه صلى الله عليه وسلم.
لقد أمرنا ربنا بالفرح برسول الله صلى الله عليه وسلم في سورة يونس"قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا" والرحمة العظمى للعالمين هو سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. جعلنا الله من أحبابه وإخوانه وأتباعه. آمين.

ساهم في نشر الموضوع للفائدة:

شارك الموضوع

تعليقات
0 تعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق