03:18:20PM

  

الإعجاز البلاغي و العلمي في النمل (الاية18)

مرسلة بواسطة روح و ريحان يوم الاثنين 0 التعليقات

الإعجاز البلاغي في قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾:
اشتملت هذه الآية -على قصرها- على معانٍ بلاغية كثيرة، فقد جمعت هذه الآية عشرة أنواع من الخطاب في موطن واحد، وهذه الأنواع هي: النداء والتنبيه والتسمية والأمر والنص والتحذير والتخصيص والتفهيم والتعميم والاعتذار.
و بالإيجاز فنلحظه فيما جمعت هذه النملة في قولها من أجناس الكلام فقد جمعت النداء، والكناية، والتنبيه، والتسمية، والأمر، والنص، والتحذير، والتخصيص، والتعميم، والإشارة، والعذر. فالنداء (يا)، والكناية (أيُّ)، والتنبيه (ها)، والتسمية (النمل)، والأمر (ادخلواوالنص (مساكنكموالتحذير (لا يحطمنكموالتخصيص (سليمانوالتعميم (جنودهوالإشارة (هم)، والعذر (لا يشعرون)، فأدَّت هذه النملة بذلك خمسة حقوق: حق الله تعالى، وحق رسوله، وحقها، وحق رعيتها، وحق الجنود، فأما حق الله تعالى فإنها استُرعيت على النمل، فقامت بحقهم.وأما حق سليمان عليه السلام فقد نبَّهته على النمل. وأما حقها فهو إسقاطها حق الله تعالى عن الجنود في نصحهم. وأما حق الرعية فهو نصحها لهم؛ ليدخلوا مساكنهم. وأما حق الجنود فهو إعلامها إياهم، وجميع الخلق، أن من استرعاه الله تعالى رعيَّة، وجب عليه حفظها، والذبّ عنها، وهو داخل في الحديث المشهور: «كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته»
الإعجاز العلمي في الآية الكريمة:
اكتشف العلماء أن للنمل لغات تفاهم خاصة بينها وذلك من خلال تقنية التخاطب من خلال الشفرات الكيماوية، وربما كان الخطاب الذي وجهته النملة إلى قومها هو عبارة عن شفرة كيماوية. فقد أثبتت أحدث الدراسات العلمية أن لكل نوع من أنواع الحيوانات رائحة خاصة به، وداخل النوع الواحد هناك روائح إضافية تعمل بمثابة بطاقة شخصية أو جواز سفر للتعريف بشخصية كل حيوان أو العائلات المختلفة، أو أفراد المستعمرات المختلفة. ولم يكن عجيباً أن نجد أحد علماء التاريخ الطبيعي وهو (رويال وكنسون) قد صنف كتاباً مهماً جعل عنوانه (شخصية الحشرات).

والرائحة تعتبر لغة خفية أو رسالة صامتة تتكون مفرداتها من مواد كيماوية أطلق عليها العلماء اسم (فرمونات)، وتجدر الإشارة إلى أنه ليست كل الروائح (فرمونات)، فالإنسان يتعرف على العديد من الروائح في الطعام مثلاً ولكنه لا يتخاطب أو يتفاهم من خلال هذه الروائح، ويقصر الباحثون استخدام كلمة (فرمون) على وصف الرسائل الكيماوية المتبادلة بين حيوان من السلالة نفسها، وعليه فقد توصف رائحة بأنها (فرمون) بالنسبة إلى حيوان معين، بينما تكون مجرد رائحة بالنسبة لحيوان آخر.

وإذا طبقنا هذا على عالم النمل نجد أن النمل يتميز برائحة خاصة تدل على العش الذي ينتمي إليه، والوظيفة التي تؤديها كل نملة في هذا العش حيث يتم إنتاج هذه الفرمونات من غدة قرب الشرج، وحينما تلتقي نملتان فإنهما تستخدمان قرون الاستشعار، وهي الأعضاء الخاصة بالشم، لتعرف الواحدة الأخرى.

وقد وجد أنه إذا دخلت نملة غريبة مستعمرة لا تنتمي إليها، فإن النمل في هذه المستعمرة يتعرفن عليها عن طريق رائحتها ويعدها عدواً، ثم يبدأ في الهجوم عليها، ومن الطريف أنه في إحدى التجارب المعملية وجد أن إزالة الرائحة الخاصة ببعض النمل التابع لعشيرة معينة ثم إضافة رائحة خاصة بنوع آخر عدو له، أدى إلى مهاجمته بأفراد من عشيرته نفسها. وفي تجربة أخرى تم غمس نملة برائحة نملة ميتة ثم أعيدت إلى عشها، فلوحظ أن أقرانها يخرجونها من العش لكونها ميتة، وفي كل مرة تحاول فيها العودة يتم إخراجها ثانية على الرغم من أنها حية تتحرك وتقاوم، وحينما تمت إزالة رائحة الموت فقط تم السماح لهذه النملة بالبقاء في العش. وحينما تعثر النملة الكشافة على مصدر للطعام فإنها تقوم على الفور بإفراز (الفرمون) اللازم من الغدد الموجودة في بطنها لتعليم المكان ثم ترجع إلى العش، وفي طريق عودتها لا تنسى تعليم الطريق حتى يتعقبها زملاؤها، وفي الوقت نفسه يضيفون مزيداً من الإفراز لتسهيل الطريق أكثر فأكثر. ومن العجيب أن النمل يقلل الإفراز عندما يتضاءل مصدر الطعام ويرسل عدداً أقل من الأفراد إلى مصدر الطعام، وحينما ينضب هذا المصدر تماماً فإن آخر نملة، وهي عائدة إلى العش لا تترك أثراً على الإطلاق.

وهنالك العديد من التجارب التي يمكن إجراؤها على دروب النمل هذه، فإذا أزلت جزءاً من هذا الأثر بفرشاة مثلاً، فإن النمل يبحث في المكان وقد أصابه الارتباك حتى يهتدي إلى الأثر ثانية، وإذا وضعت قطعة من الورق بين العش ومصدر الطعام فإن النمل يمشي فوقها واضعاً أثراً كيماوياً فوقها، ولكن لفترة قصيرة، حيث إنه إذا لم يكن هناك طعام عند نهاية الأثر، فإن النمل يترك هذا الأثر ويبدأ في البحث عن طعام من جديد(19).

لقد أشار القرآن الكريم إلى حقيقة علمية كبيرة وهي ذكاء النمل وقدرته على المحاكمة العقلية والفكرية ومواجهة الأخطار وذلك من خلال هذه القصة التي حدثت مع نبي الله سليمان عليه السلام وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، فقد استطاعت نملة صغيرة من تحديد مكان سليمان والطريق الذي سوف يمر به وهذا لم يكن ليتم لولا هذه القدرات الخارقة التي يتمتع بها النمل. ولقد كشف العلم الحديث عن بعض العجائب من سلوك النمل الذكي وتطور جهازها العصبي فعند دراسته تحت المجهر يظهر لنا أن دماغ النملة يتكون من فصين رئيسيين يشبه مخ الإنسان، ومن مراكز عصبية متطورة وخلايا حساسة.

النملة تتحطم!
في زمن نزول القرآن الكريم لم يكن لأحد قدرة على دراسة تركيب جسم النملة أو معرفة أي معلومات عنه، ولكن بعد دراسات كثيرة تأكد العلماء أن للنمل هيكلاً عظمياً خارجياً صلباً جداً يسمى exoskeleton ولذلك فإن النملة لدى تعرضها لأي ضغط فإنها تتحطم، ولذلك قال تعالى على لسان النملة: ﴿لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ﴾، وبالتالي فإن كلمة ﴿يَحْطِمَنَّكُمْ﴾ والتي تعني التكسر دقيقة جداً من الناحية العلمية

وتشير دراسات جديدة أيضاً إلى أن جسم النمل يتركب معظمه من كمية كبيرة من السليكون الذي يدخل في صناعة الزجاج، والتحطيم هو أنسب الأوصاف للفعل الدالّ على التكسير والتهشيم والشدة

ويقول أحد العلماء جاءت العبارة ﴿لَا يَحْطِمَنَّكُمْ﴾ هنا للدلالة على طبيعة جسم النملة المفصلية (Arthropods) التي تحتاج إلى تحطيم، حيث يتكون جسمها الخارجي من مادة صلبة كالزجاج هي الكيتين (Chitin)، وهذه المادة تشابه في تركيبها الكيراتين مادة التكوين للقرون والحوافر والأظافر، كذلك اكتشف أن أعين النملة ذات طبيعة بلورية كالزجاج لا تنكسر بسهولة بل تحتاج إلى تحطيم

ساهم في نشر الموضوع للفائدة:

شارك الموضوع

تعليقات
0 تعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق