03:18:20PM

  

عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين

مرسلة بواسطة روح و ريحان يوم الجمعة 0 التعليقات


عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين

الخطبة الأولى :
      الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه أجمعين.
      أما بعد عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليِّ العظيمِ القائل في محكم كتابه الكريم:" ألا إنّ أولياءَ اللهِ لا خَوفٌ عليهِم ولا هُم يحزَنُونَ . الذينَ ءامَنُوا وكانُوا يَتَّقُونَ . لهمُ البُشْرَى في الحياةِ الدُّنيا وفي الآخرةِ لا تَبْدِيلَ لكلماتِ اللهِ ذلكَ هُوَ الفوزُ العَظِيم". سورة يونس/62-64.
     إخواني، إنّ ربَّنا يخبرُنا في هذهِ الآيةِ الكريمةِ أنَّ الأولياءَ لا يخافونَ إذا خافَ النّاسُ في القبرِ والآخرة، ولا يحزَنُونَ إذا حزنَ النّاسُ في القبرِ أو في الآخرة، لأنَّ الأولياءَ همُ الذينَ ءامنُوا وكانُوا يتَّقون، أدَّوْا كلَّ ما فرضَ اللهُ عليهم واجتنبُوا كلَّ ما حرّمَ اللهُ عليهم، فالوليُّ هو الذي استقامَ بطاعةِ الله، تعلمَ عِلْمَ الدِّينِ عرفَ الحلالَ والحرام عرفَ ما فرضَ اللهُ وما حرّمَ اللهُ فأدّى كلَّ الفرائضِ واجتنبَ كلَّ المحرمات وزيادةً على ذلك أكثرَ منَ السُّنَنِ والنوافلِ هذا هو الوليّ. والأولياءُ يُكرمهمُ اللهُ بالكراماتِ وكراماتُ الأولياءِ هي معجزاتٌ للأنبياء.فكراماتُ أولياءِ أمَّةِ محمّدٍ هي معجزاتٌ لسيِّدِنا محمّد عليه الصلاة والسلام فالكرامةُ هي أمرٌ خارقٌ للعادةِ، الكرامةُ أمرٌ لا يحصلُ عادة، أمرٌ خارقٌ للعادةِ يحصلُ على يدِ منِ اتّبعَ النبيَّ اتّباعًا صادقًا كامِلا هذه هي الكرامة.
     ومنْ هؤلاءِ الرجالِ الذينَ بلغُوا مرتبةَ الولايةِ وأكرمَه اللهُ بالكراماتِ عمرُ بنُ الخطابِ أبو حفصٍ القرشيُّ أولُ مَن لُقّبَ بأميرِ المؤمنينَ وهو مِن أشرافِ قريش، وهو مِن السابقينَ الأوّلينَ في الإسلام وهو مِنْ مشاهيرِ علماءِ الصحابةِ رضيَ اللهُ عنهم. تعالوا معي نسمعُ موجَزًا عن حياةِ بنِ الخطابِ عُمَر.
    أولا عمرُ بنُ الخطابِ أسلمَ في السنةِ السادسةِ منَ النُّبوةِ وكان عمرُه ستةً وعشرينَ عامًا أسلمَ بعدَ نحوِ أربعينَ رَجُلا، وفي قصةِ إسلامِه عدةُ رواياتٍ منها ما ذُكِر في كتبِ السِّيَرِ أنَّ عمرَ قال خَرَجْتُ أتعرَّضُ لرسولِ الله صلى اللهُ عليه وسلم فَوَجَدْتُه قد سبقني إلى المسجدِ فلحِقتُ بهِ فإذا هو في الصلاةِ فقمتُ خلفَه فاستفتَحَ بسورةِ الحاقّة فبدأتُ أتعجّبُ مِن تأليفِ القرءان، فقلتُ هذا واللهِ شاعرٌ كمَا قالتْ قريشٌ فقرأ قولَ الله تعالى:" إنه لَقَولُ رَسولٍ كريم . ومَا هُوَ بقَولِ شَاعرٍ قليلا ما تُؤمِنُون"، فقال عمرُ إذًا هو كاهِنٌ فقرأ النبي:" ولا بقولِ كاهنٍ قَليلا مَّا تَذَكّرُون" فقال عمر:فوقعَ الإسلامُ في قلبي.
   والروايةُ الأُخرى قيلَ إنّ عمرَ خرجَ متقلدًا سيفَه فرءاهُ رجلٌ مِن بني زُهرة قال له: إلى أينَ تعمدُ يا عمرُ؟ فقالَ أريد أن أقتلَ محمّدا، فقال له: كيفَ شأنُك وهلْ سيتركُكَ بَنُو هاشم وبنو عبدِ المطّلب إن أنتَ قتلْتَ محمّدا؟ إن أردت أن تعلم فإن صهركَ قد أسلم، فذهب عمرُ غاضبا إلى بيت صهرِه وسمع شيئا من قراءة القرءان مِن خلفِ الباب وكان عندَه أحدُ الصحابةِ فطرقَ الباب فلمّا سمعَ الخبَّابُ صوتَ عمر توارى ثم فتحوا له فقال أسمعوني فقالوا هو حديثٌ تحدثناه بيننا ثم قال أتَبِعْتَ محمّدا؟ فقال له صهرُه: أرأيت يا عمر، إن كان الحق في غيرِ دينك؟ فبدأ يضربُ صهرَه ضربا شديدا فجاءت أختُه تريد أن تدافع عن زوجِها فضربها فقالتْ بقلبٍ ثابتٍ متوكلٍ على الحيِّ الذي لا يموت: أرأيت إن كان الحقُّ في غيرِ دينِك، أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله. فتوقف عن ضربِ صهرِه ثم طلب الصحيفة فلما أعطيت له الصحيفة فرأى فيها " طه ما أنزلنَا عليكَ القرءانَ لتشقَى" إلى قوله تعالى:" إِنَّنِي أَنَا اللهُ لآ إِلَهَ إِلآ أَنَاْ فَاعبُدنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكرِي" فقال دلوني على محمد، فلما سمع الخبَّابُ خرجَ وقال له أبشِرْ يا عمرُ فإني أرجو أن تكونَ دعوةُ رسولِ الله ليلةَ الخميسِ لك اللهمَّ أعِزَّ الإسلامَ بعمرَ بنِ الخطاب أو بعَمْرِو بنِ هشام فقال دلوني على رسول الله، وكان النبيُّ في بيتِ الأرقم في الصفا وراح إلى هناك وضربَ البابَ وكان مِن أشدِّ الناسِ على رسولِ اللهِ في الجاهلية. فقال الصحابةُ يا رسولَ الله هذا عمر. فتحَ البابَ فتقدمَ نحوَ النبيِّ فأخذَه الرسولُ بمجامعِ قميصِه وقال أسِلمْ يا ابنَ الخطّاب اللهمَّ اهْدِهِ فقال عمرُ: أشهدُ أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ محمدا رسول الله، فكبَّرُوا تكبيرةً سُمعت في سوقِ مكةَ، بعد ذلك قال عمرُ للرسولِ ألَسْنَا على الحقِّ يا رسولَ الله فقال: بلى، فقالَ له لنخرج إلى الكعبةِ نُصلي هناك، فخرجوا في صفين في أحدِهما عمرُ وفي الآخرِ حمزةُ فلمّا رأى كفارُ قريش  ذلك أصابتْهُم كآبة شديدةٌ وهناكَ سَمّى رسولُ الله عمرَ الفاروقَ لأنّه فرق بينَ الحقِ والباطلِ، هو الذي قال فيه الرسولُ: " والذي نفسُ محمدٍ بيدِه ما رآه الشيطانُ سالكًا طريقًا إلا سلكَ طريقًا غيرَ طريقِه"، رجلٌ تهابُه الشياطين، أيُّ رجلٍ هو عمر كان إذا سلكَ طريقًا يسلكُ الشيطانُ طريقًا غيره.  قال فيه عبدُ الله بنُ مسعود" ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر"، عمر الذي قال فيه الرسول:" قد كانَ في الأممِ محدَّثون -أي ملهمون- فإن يكن في أمتي فعمر".  هو الذي قال فيه النبيُّ:" لو كان بعدي نبي لكان عمر"، عمر من كراماته أنه بعثَ جيشًا إلى بلادِ نهاوند بلادِ العجم وعلى رأسِهم ساريةُ، وساريةُ كان منَ الصالحين من أولياء الله، ساريةُ في نهاوند وعمرُ على منبرِ الرسولِ في المدينةِ يخطبُ يومَ الجمعة، كشف له الحجاب من المدينة إلى نهاوند فرأى أرض المعركة، رأى أن الجبلَ إذا سيطر العدو عليه ينقضُّ على المسلمين فصرخَ وهو من على المنبرِ في المدينة يا ساريةُ الجبلَ الجبلَ، فسمع ساريةُ صوتَ عمر فأخذَ الجبلَ وتغلَّب على العدو، الرسولُ قال:" اِتَّقُوا فِراسَةَ المؤمنِ فإنّه ينظُرُ بِنُورِ الله".
الخطبة الثانية :
    إخواني، هذا موجزٌ عن حياةِ عمر، عمر الذي قال فيه وهبُ بنُ مُنبِّه : صفتُه في التوراةِ قرن حديد أميرٌ شديد. أشد أمتي في أمر الله عمر، الذي هاجرَ جهارا طافَ بالكعبةِ سبعًا وصلَّى ركعتين ثم قال: يا كفّارَ قريش من أراد أن تفقدُه أمُّة أو تُرَمّل زوجتُه فليلْحَقْنِي وراءَ هذا الوادي فما تَبِعَهُ أحد، عمر الذي بنى مِنَ المجد صرحا. إخواني هؤلاء الرجال الذين تخرَّجُوا منْ مدرسةٍ كانَ عميدُها المصطفى عليه السلام.
    إخوة الإيمان، من فضائلِ الفاروق عمر أنه عمّرَ مسجدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى. وفي سنة ثمان عشرة حصلَ قحطٌ شديدٌ سميّ ذلك العامُ عامَ الرمادةِ فاستسقى عمرُ رضي الله عنه، وخطبَ وأخذ العباس بن عبد المطلب وتوسلَ به وجثَا على ركبتَيه وبكى يدعو إلى أن نزلَ المطرُ وأُغيثوا.  وهو أول من جمعَ الناس إلى صلاةِ التراويح، وأول من تَسمّى بأمير المؤمنين رضي الله عنه.
    ومن كلامه ومواعظه أن قال"حاسبوا أنفسَكم قبلَ أن تحاسبوا، وزِنُوا أنفسَكم قبل أن توزَنُوا، فإنه أهونُ عليكم في الحسابِ غدا أن تحاسبوا أنفسَكم اليوم، تزيَّنُوا للعرضِ الأكبر، يومئذٍ تُعرضونَ لا تخفى منكم خافية" . وعن الأحنف قال: قال لي عمر بن الخطاب: "يا أحنف، مَنْ كثرَ ضحكُه قلّتْ هيبتُه، ومَن مَزحَ استُخِفَّ به، ومَنْ أكثرَ منْ شىءٍ عُرف به، ومَن كثُرَ كلامُه كثرَ سقطُه، ومَن كثرَ سقطه قلّ حياؤُه وقلَّ ورعُه، ومَن قلَّ ورعُه ماتَ قلبه".
   إخوة الإيمان، في سنة ثلاث وعشرين حجَّ أميرُ المؤمنين عمرُ بنُ الخطاب رضي الله عنه ثم رجع إلى المدينةِ المنورة وفي ختامها طعنَه أبو لؤلؤة. وكان عمرُ رضي الله عنه خرجَ لصلاةِ الصبح وقد استوت الصفوف فدخل الخبيث أبو لؤلؤة بين الصفوفِ وبيده خنجرٌ مسموم برأسين فضربه به ثلاث طعنات إحداها تحت سرّته فمسكوه وأصيب منَ الصحابة نحوُ اثني عشر رجلا مات منهم ستة وطعن اللعين نفسه فمات.  وسقط عمر رضي الله عنه على الأرض، شهيدا.
   نسأل الله تعالى أن يحشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
هذا وأستغفر الله لي ولكم.


ساهم في نشر الموضوع للفائدة:

شارك الموضوع

تعليقات
0 تعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق